الأربعاء، 4 يونيو 2008

نبذه عن العراق




أطلس العراق























العوامل الطبيعية ان الضرورة تقتضي في مثل هذه الدراسة الجغرافية الوصفية العامةمعرفة ثلاث حقائق مهمة قبل البدء بتصنيف العوامل الطبيعية والبشرية والاقتصادية وتقويمها . فمعرفة موقع العراق وحجم مساحته وشكلها يعد مدخلا علميا سليما لها . فكل حقيقة منها تؤدي دورا مهما في جغرافية القطر والاقليم . ولكي تتضح حقيقة ذلك لابد من مناقشة واقع كل منها بشيء من الايجاز .أ- الموقع يشغل العراق موقعا فلكيا بين دائرتي عرض ( =295 و 3715 ) شمالا وخطي طول ( 3845 و 4845 ) شرقا . وهذا موقع يضعه كليا في المنطقة المعتدلة الشمالية ويتيح له ظروفا ينعم فيها بفصول مناخية تحفز الانسان الى النشاط وتحثه على العمل .
أما موقعه المجاور فيضعه الى جوار اقطار عربية وبلدان غير عربية . فمن الشمال تحده تركيا ومن الشرق ايران ومن الغرب سوريا والاردن ومن الجنوب المملكة العربية السعودية والكويت والخليج العربي . ويبين ( جدول -1 ) اطوال حدود العراق مع الاقطار والبلدان المجاورة .
( جدول-1)












( أطوال حدود العراق مع الاقطار والبلدان المجاورة )
الاقطار والبلدان المجاورة النسبة المئوية الطول كيلومتر
600
1705
سورية
140
401
الاردن
812
2307
السعودية
195
507
الكويت
377
11
تركيا
1300
38
ايران
3424
100
المجموع
ظل سكان العراق طوال تاريخهم ينشدون اقامة علاقات سليمة طيبة بجيرانهم ،فقد مهدت حضارتهم الزراعية الطريق لعلاقات تجارية مهمة . ويصدق هذا القول في الوقت الحاضر اكثر من اي وقت مضى . فثروته الزراعية المتنامية وغناه المعدني الوفير لايتركان مجالا او حافز يحيد بالعراق عن مواصلة علاقته التاريخية السليمة وتأكيدها .
ولموقع العراق اهمية بالغة على المستوى الاقليمي والدولي منذ اقدم الازمان ، اذ ان موقعه عند ملتقى قارة اسيا وافريقيا واروربا من ناحية وعلى اقصر طرق اليابسة التي تربط المحيط الهندي بالبحر المتوسط من ناحية اخرى جعل منه احدى مناطق الارتكاز في العالم ، ان دجلة والفرات لايؤمنان مياه الري وحاجات الانسان المباشرة حسب ، بل هما يمهدان طرقا يسلكها السائرون . فالانتقال ، كما يقال ، يتبع اقل المسالك صعوبة . وكان يومئذ من السهل الانتقال من وادي الرافدين الى سواحل البحر المتوسط عبر وادي الفرات ، ومع تقدم الحضارة وتحسن ظروف المعيشة ازدادت اهمية موقعه ، فلا عجب ان تزدحم طرقه الخارجية الحديثة بوسائط النقل تحمل سلعا من اماكن نائية الى نقاط وصول بعيدة متباينة ، وتطير في سمائه الزرقاء الصافية طائرات خطوط الطيران الدولية ليل نهار .
ب- المساحة تبلغ مساحة العراق ( 438317) كيلومترا مربعا . وهذه مساحة تفوق مساحة كثير من بلدان اوربا عدا الاتحاد السوفيتي سابقا وفرنسا واسبانيا ، ونظرا لتباين معطياتها الطبيعية فان ارض العراق يمكن ان تعيل عددا كبيرا من السكان وتؤمن لهم غذاءهم ومقومات عيش رغيد ويمكن ان تدر هذه الارض خيرات على نطاق اعظم مما كانت تدره وتبقي العراق مزدهرا منيعا على مر السنين .
ج- الشكل ان لشكل العراق فائدة جلى في الكثير من الامور ، اذ يكاد يكون شكلا دائريا مثاليا تحتل فيه العاصمة بغداد موقعا مركزيا ، ولمثل هذا الشكل المتلاحم افضليته ومزاياه من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والحضارية والوحدة الوطنية فهي تقلل من صعوبات السفر الى حدها الادنى وتختزل تباين البيئات الطبيعية ، وتقتصر اطوال الحدود التي لابد من حمايتها . فالسفر ، على سبيل المثال ، لايستغرق سوى ساعات معدودة بسكك الحديد او السيارة الى اي مكان في القطر .
د- المناخ يتميز العراق بخصائص مناخية قارية لوقوعه بعيدا عن المحيطات والبحار . فحرارة الصيف وجفافه ، وبرودة الشتاء وامطاره تعد ملامح مناخية رئيسة , ويقع العراق معظم ايام السنة تحت تأثير منطقة ضغط عال تعمل على هبوب رياح دافئة جافة من طبقات الجو العليا . وتستمر حركة الهواء هذه في فصل الصيف من الشمال والشمال الغربي مكونة رياحا حارة جافة ( الشمال ) تهب معظم ايام الصيف بنسبة لاتقل عن 90 في المائة ولكن تيار الهواء هذا لايستمر على وتيرة واحدة في فصل الشتاء ، اذ غالبا ما ينقطع هبوبه بفعل مرور الاعاصير وما يصحب ذلك من هبوب رياح متغيرة الاتجاهات . وهذه الاعاصير جزء من دورة الرياح الغربية غير المنتظمة التي تسود في العروض الوسطى .
وينتقل سير هذه الرياح في فصل الشتاءجنوبا بتأرجح نطاق الضغوط العالية شبه المدارية في هذا الاتجاه . ويبلغ معدل عدد الاعاصير المارة بالعراق في الفصل البارد من السنة 120 اعصارا . ويقترن سقوط معظم الامطار على العراق بمرور هذه الاعاصير الضعيفة . وقد يتطور بعضها ويتسع من حين الى اخر ويبقى مستقرافي البلاد عدة ايام . وتسبب مثل هذه الاعاصير هبوب رياح بحرية مصحوبة بهطول امطار غزيرة على مناطق السهول وسقوط كميات كبيرة من الثلوج على الجبال . وتزداد عموما كميات الامطار الساقطة تدريجيا كلما اتجهنا نحو الشمال الشرقي ، اذ تزداد كميتها من ( 50 ملم ) في الزاوية الجنوبية الغربية من العراق الى ( 1000 ملم ) في المنطقة الجبلية العالية الواقعة في الشمال الشرقي منه . وتعزى كثرة التساقط في هذه المنطقة الى تأثير عامل مزدوج من النشاط الاعصاري والحاجز الجبلي . وعد خط المطر المتساوي ( 200 ملم ) خطا مهما ، على العموم ، يرسم الحد الجنوبي لمنطقة الزراعة الديمية ولكن درجة تذبذب الامطار السنوية عالية جدا ، اذ لايظل الحد الجنوبي لمنطقة الزراعة الديمية محتفظا بموضع ثابت . فبعض فصول الشتاء جافة ، في حين بعضها الاخر وافر الامطار . وتبعا لذلك تنتقل خطوط الامطار المتساوية الى الشمال الشرقي في السنوات الرطبة . ويمكن ان نتبين هذا التباين بين اعلى متوسط للامطار السنوية وادناه واختلاف مقاديرها الشهرية .
يعد الاختلاف الجغرافي والزمني لسقوط الامطار من الحقائق المهمة بالنسبة الى الزراعة الجافة . فسقوط كميات اضافية من المطر في الربيع يترك اثارا ايجابية في انتاج القمح والشعير . ويضاف الى كل هذا ان هناك اختلافا في مقادير ما يسقط من الامطار شهريا ، اذ يبلغ عدد الايام الممطرة في البصرة والرطبة وبغداد والموصل 59،48،55،51 يوما تباعا .
درجة الحرارة من الامور المعتادة ذكر معدل درجات الحرارة في الاوصاف المناخية . ويعتمد الفرق بين اعلى درجات واوطئها ، يوميا وسنويا ، على موقع المكان سواء أكان قريبا من البحر أم في اليابسة . ويعد ارتفاع معدل درجة الحرارة اليومي والسنوي من الخصائص البارزة لظواهر المناخ القاري . وهو ما يمكن ان نتبينه في ظواهر درجات حرارة مدينة بغداد ، اذ يبلغ معدل درجة الحرارة السنوية فيها ( 22،5 م ) في حين يهبط معدل درجة الحرارة الصغرى في شهر كانون الثاني ( يناير ) الى ( 4م) ويرتفع معدل درجة العظمى في شهر آب ( اغسطس ) الى ( 43،2 م) ورطوبة الهواء النسبية في مدينة بغداد واطئة في الارجح ، اذ تتباين رطوبة الهواء النسبية من 44 في المائة في حدودها القصوى ايام آب ( اغسطس ) الى 21 في المائة في حالاتها الدنيا . ويترواح عدد الايام الصاحية في العراق بين ( 198 ) يوما في الموصل و ( 207 ) في بغداد ، وبهذا يصبح من مناطق الطاقة الحرارية العالية . وتصبح الطاقة الشمسية المتاحة موردا متجددا من موارد الثروة القومية . وهذا يعني من ناحية اخرى ان العراق بفضل طول النمو فيه ( اي المدة الخالية من الصقيع ) وما يتوافر فيه من موارد مائية يستطيع ان يزرع كل ما يمكن زراعته في مناطق العروض الوسطى والدنيا من محاصيل .
انواع المناخ يمكن تصنيف مناخ العراق في ضوء درجات الحرارة وكميات الامطار المتساقطة الى ثلاثة انواع رئيسية هي :
1- مناخ البحر المتوسط يتصف هذا النوع بشتاء ممطر بارد نسبيا وبصيف حار جاف ويظهر هذا المناخ على نحو واضح متميز في المناطق الجبلية . وعليه فان سقوط الثلج امر شائع شتاء وتتراوح كمية الامطار الساقطة بين ( 400 ملم ) في المناطق الواطئة و(1000 ملم ) في المناطق العالية . اما درجات الحرارة صيفا فلا يزيد معدلها على 35م في مناطق السفوح الدنيا ويقل كثيرا جدا على السفوح العالية الظليلة .
2- مناخ السهوب وهذا يمثل مناخا انتقاليا بين مناخ البحر المتوسط في الشمال والمناخ الصحراوي في الجنوب ، اما الحقائق الاساسية التي ترسم حدوده فتجمع بين ارتفاع درجات الحرارة وقلة ما يسقط من امطار ، وتتراوح كمية الامطار الساقطة فيه بين ( 200 ملم ) الى ( 400 ملم ) ويسقط معظمها في الفصل البارد من السنة اذ تنخفض درجة التبخر الى حدها الادنى .
3- المناخ الصحراوي الحار تسود سهول العراق ظروفمناخ صحراوي حار ، اذ تساعد نقاوة الهواء على اشتداد اشعة الشمس وارتفاع درجة الحرارة العظمى حدا يتراوح بين 45 م و50م كما يزداد معدل درجة الحرارة اليومي ازديادا كبيرا جدا . اما الليالي فطقسها منعش بارد مما يحدو الناس على النوم في الهواء الطلق . ويسود طقس دافىء مشمس في فصل الشتاء ويندر ان تهبط درجة الحرارة الى اقل من درجة التجمد .
هـ - السطح تكون الجبال والهضاب والتلال والسهول والوديان والانهار والبحيرات معالم السطح الرئيسة في العراق . وتترك اشكال السطح اثارا مهمة في انماط الحياة والاقتصاد فيه . وتكون اشكال السطح مع ظروف المناخ السائدة ظهيرا ثابتا يستند اليه تاريخ العراق . ومن الطريف ان نجد في مساحة محدودة مثل مساحة العراق امثلة جيدة لمختلف اشكال السطح التي تكون ظواهر الكرة الارضية .
ان العراق والخليج العربي يمثلان كتلة هابطة من القشرة الارضية مثلها في ذلك مثل البحر الاحمر حتى انها تأخذ الاتجاه الذي يتجه اليه ، فقد كان العراق منذ ملايين السنين يقع في خضم بحر ضحل . ثم رسبت في هذا البحر رواسب بحرية جيرية في الاغلب . كما نقلت اليه الانهار من الاراضي المجاورة رواسب غرينية ، وهكذا بدأ البحر يضمر تدريجيا .
في زمن جيولوجي تال تعرضت الرواسب التي كانت تغطي قاع البحر لحركات في القشرة الارضية بدأت منذ مدة تراوحت بين 30 و 50 مليون سنة مضت . وتكونت تدريجيا اقواس واحواض . كونت الاقواس مناطق المرتفعات في حين اصبحت الاحواض وديانا . وما تزال حركة بناء الجبال مستمرة في العراق ولكن ببطء شديد . وكان مناخ العراق في اثناء ثلاث فترات مطيرة صاحبت صاحبت العصور الجليدية التي اجتاحت اوربا اكثر امطارا مما عليه اليوم . تعرض سطح العراق في تلك الفترات الى تعرية نهرية واسعة عدلت من معالم سطحه ، فانخفضت الجبال وطمرت الاودية كما طمر الجزء الجنوبي من هذا الحوض الواسع برواسب من الحصى والرمل والطين . ثم سادت بين هذه الفترات المطيرة ظروف مناخية مشابهة لمناخ القطر الان عطلت عمليات التعرية وحدت من شدتها وساعدت على تكزين مدرجات نهرية على امتداد الانهار وروافدها في المنطقة الوسطى والشمالية من العراق ، اذ يمكن ، على سبيل المثال ، مشاهدة ثلاثة مدرجات تعرية نهرية على الضفاف الشرقية لنهر دجلة في منطقة تكريت .
واذا اخذنا مستوى ارتفاع الارض عن مستوى سطح البحر معيارا أساسيا لامكن تقسيم سطح العراق الى اربعة اقاليم هي :
1- اقليم الجبال تشغل الجبال بمناظرها الفخمة الرائعة مساحة قدرها ( 92,000) كيلومتر مربع او حوالي (21) في المائة من مجموع مساحة القطر . وتمتد هذه على نحو رئيس في شمالي وشمال شرقي العراق . وتتكون من سلاسل جبلية تسير موازيا بعضها بعضا تفصل بينها اودية طولية . ولكن هذه السلاسل برغم ذلك ، لايبقى بعضها بمعزل عن بعض اجزائها ، لتعرية كبيرة ورسبت انقاض مواردها في المناطق الممتدة أمامها وفي بطون الاودية . وتتكون هذه السلاسل من طبقات صخور كلسية التوائية تتباين من التواءات بسيطة في الجنوب الى التواءات معقدة في الشمال تفصل بينها احواض مثل سهل السندي والزاب وراوندوز ويتراوح ارتفاع المنطقة الاولى بين ( 5000و 6000) قدم فوق سطح البحر في حين يترواح الارتفاع في منطقة الالتواءات المعقدة بين ( 7000 و10000 ) قدم . ويكثر في المنطقة الجبلية عموما وجود انكسارات وصخور متحولة وظواهر تضاريسية اخرى كونتها عوامل التعرية الجليدية كالوديان المعلقة والدارات والمدرجات . اما الجهات العالية منها فيكسرها غطاء جليدي دائم . وتصل هذه الجبال اقصى ارتفاعاتها عند قمة حصاروست التي ترتفع ( 3607 ) امتار عن سطح البحر .
وينتشر في هذا الاقليم كثير من الظواهر التضاريسية التي تتميز بها المناطق الجبلية عموما من شلالات وجنادل ومندفعات نهرية وفجاج عميقة وضيقة .
وتفصل بين هاتين المنطقتين الجبليتين سهول كثيرة من مثل سهل رانية وشهرزور ، والاول سهل كلوي الشكل يقع في منطقة الزاب الصغير ويترواح ارتفاعه بين ( 1600- 2000) قدم ويمتد ( 30 ) كيلومترا . اما شهرزور فهو سهل حوضي الشكل يترواح ارتفاعه بين ( 1500- 2000 ) قدم فوق سطح البحر ، ويمتد مسافة ( 45 ) كيلومترا من الشرق الى الغرب ولكن اتساعه يضيق من الشمال الى الجنوب حتى يبلغ ( 15 ) كيلومترا . ويعكس الغطاء النباتي في هذا الاقليم الجبلي الظروف المناخية المحلية ، اذ ترسم درجات الحرارة وكميات المطر الساقطة الحد الادنى لنمو الاشجار . وتقع هذه الحدود على ارتفاع ( 1000 ) متر في مناطق لايقل نصيبها من المطر عن ( 500 ملم ) وتنمو اشجار العرعر في الجهات العليا من نطاق الغابات في حين تنمو على نطاق واسع اشجار الجوز واللوز والدردار والقيقب في مناطق متوسطة الارتفاع . ويكثر نمو اشجار الفستق والزيتون في الامكنة الجافة من هذه المناطق .
وينحصر خط الاشجار الداخلي في مناطق لايزيد ارتفاعها على ( 1500 ) متر فوق سطح البحر ولاتقل فيها كميات الامطار الساقطة عن ( 500 ملم ) وتنمو الحشائش (( الالبية ) في مناطق يزيد ارتفاعها على ذلك . وهذه مناطق رعي طبيعية تنتقل اليها في فصل الصيف قطعان كبيرة من الاغنام والمعز ، اذ يصعد الرعاة في هذا الفصل بقطعانهم متتبعين ذوبان الثلوج حتى يصلوا الى ارتفاع ( 9000 ) قدم . ويمكن ملاحظة ذلك على سفوح جبل حصاروست الواقع الى الشمال الشرقي من راوندوز . اما في الخريف فان هذه الهجرة تأخذ اتجاها معاكسا اذ يبدا الرعاة رحلة العودة بقطعانهم الى بطون الاودية .
وتسود الزراعة الواسعة سهول هذا الاقليم حيث تستغل الاراضي في سهلي رانية وراوندوز شتاء في زراعة القمح والشعير .
اما في بقية فصول السنة فتسود فيهما زراعة كثيفة مختلطة وقد اصبحت زراعة الخضراوات والفواكه والبنجر السكري من المحاصيل الزراعية الرئيسة في الاقليم .
2- الاراضي المتموجة يقع هذا الاقليم الى الجنوب والغرب من اقليم الجبال وتغلب على مظهر سطحه كثرة التلال . ويشغل مساحة تنبلغ حوالي ( 42000) كيلومتر مربع ، او نحو ( 9،6 ) في المائة من مساحة العراق الكلية . ومع ان هناك بعض الشبه بينه وبين اقليم الجبال الا ان ثمة اختلافا واضحا في ظواهر السطح بينهما . ويبدو ان هذا الاقليم قد تعرض لحركة التواء من حركات القشرة الارضية في مرحلة متأخرة . لذا فانه يتكون من سلاسل تلال تمتد على نحو يوازي فيه بعضها بعضا ، وأودية واسعة قليلة العمق وسهول واسعة حفرت الانهار فيها اوديتها النهرية .
ويتراوح ارتفاع تلاله على العموم بين ( 200 و 1000 ) متر ، اما تضاريسها المحلية ، اي الفرق بين اقل النقاط ارتفاعا واعلاها ، فتزيد على ( 500 ) قدم في كل كيلومتر مربع ولكنها تقل عن ( 2500 ) قدم . ويتكون الاقليم من طبقات من الحصى والصخور الرملية . ويمكن ان يقسم هذا الاقليم طبقا لبنية واشكال سطحه والمرحلة التي بلغتها عملية التعرية في رسم معالمه الى عدة سهول وهضاب وجبال وحافات وتلال . واذا اردنا ان نلم بصورة تضاريسه كاملة نعرض اقسامه عرضا موجزا : الجبال واطئة نسبيا . فسنجار سلسلة التوائية تمتد باتجاه شمالي شرقي يتراوح ارتفاعها بين ( 2800 و 4800 ) قدم وقد حفرت التعرية كثيرا من الاودية قطعت حافتها الجنوبية قطعا شديدا وتركت حافات صغيرة تبرز هنا وهناك . اما الهضاب فقليلة العدد واشهرها هضبة الموصل وكركوك . وتقطع سطح هضبة الموصل اودية قليلة العمق تبرز فيها تلال ترتفع نحو ( 1000 ) قدم عن بطون الاودية المحيطة بها .
وللسهول حظها في هذا الاقليم مثل سنجار واربيل . وسهل اربيل حوض مثلث الشكل ملاته عوامل التعرية النهرية برواسب غرينية . وارتفاع السهل لايستقيم على مستوى واحد اذ يصل ارتفاعه الى ( 1800 ) قدم عند حافته الشرقية يهبط الى ارتفاع ( 1000 ) قدم في جهاته الغربية . وساعدت تربته الخصبة وامطاره الشتوية الوافية على ايجاد قاعدة جيدة لاستغلال زراعي ناجح . وتحتل زراعة القمح والشعير مكان الصدارة بين محاصيل الشتاء في حين تؤمن مصادر المياه الجوفية ما يازم من الماء لري كثير من المنتجات في بقية فصول السنة .
3- السهل الرسوبي وهو سهل دجلة والفرات الذي كان يعرف في التاريخ القديم بأسم سهل ( شنعار ) ثم سمي فيما بعد بارض السواد لكثرة انتاجه الزراعي . ويقع وسط العراق وجنوبيه . تبلغ مساحة السهل الرسوبي ، بما في ذلك الاهوار والبحيرات نحو ( 30,2 ) في المائة من مساحة العراق . ويمتد عموما من الشمال الغربي الى الجنوب الشرقي مسايرا اتجاه دجلة والفرات وشط العرب .
وكان هذا السهل قد أمتلا برواسب نقلتها اليه الانهار في اثناء الزمن الجيولوجي الرابع والحديث . والى جانب رواسب دجلة والفرات هناك مواد اخرى نقلتها الرياح من الصحراء واختلطت بها . وقد رسبت على سطح التربة الاصلية طبقة طينية سميكة نتيجة طغيان المياه اوقات الفيضان وما يصاحب عمليات الري من فيض وغمر حتى ان هذه المواد الطينية تكاد تغطي سطح السهل برمته .
ويأخذ سطح السهل بالارتفاع تدريجيا من الجنوب الى الشمال .
وساعدت الانهار المنحدرة من المرتفعات الشرقية على تكوين مراوح غرينية على امتداد حافة السهل الشرقية . ونتيجة لالتحام سلسلة من المراوح الغرينية المتجاورة تكون سهل غريني فسيح عند لحف المرتفعات . وتتفاوت نسبة مواد المراوح الغرينية بين حصى كبيرة عند قممها ومواد ناعمة دقيقة تغطي سفوح نهاياتها . ويقوم في مثل هذه المراوح الغرينية كثير من المدن والقرى مثل مدينتي مندلي وبدرة .
وينبسط سطح السهل الرسوبي في معظم انائه انبساطا شديدا اذ يستطيع الناظر ، اذا بعد عن الانهار والاراضي الزراعية ، ان يرى استدارة الافق كاملة دون ان يلحظ انحدارا ملموسا . ولكن اكتاف الانهار وجداول الري وبعض التلال الواطئة تحول دون استمرار هذا الانبساط الرتيب .
وتعجز الانهار في هذا السهل عن حمل رواسبها لقلة انحدار مجاريها . وترتب على ذلك تكون اكتاف تحف بدجلة والفرات تعلوها سداد للحيلولة دون طغيان الماء وقت الفيضان . الا ان ذلك ، في الوقت نفسه ، يجعل من السهل حفر جداول وشق بثوق تنقل الماء سيحا من النهر الى المزارع . ولكن شدة الانبساط جعلت السهل في كثير من انحائه يعاني مشكلة صرف مياه الري ولاسيما الجزء الجنوبي منه الواقع شمالي البصرة . فلا غرو ان اتسعت الاهوار والبحيراتفيه حتى غطت مساحة تزيد على ( 3500 ) كيلومتر مربع . ويمكن ان يظهر التوزيع الجغرافي لهذه المناطق المغمورة بالماء في ثلاثة مجالات واضحة . يقع اولها الى شرقي دجلة وغربيها ، ويتمثل الثاني ببحيرة الحمار ويقع الثالث بين شط الحلة ونهر الفرات . وقد عملت السلطات المختصة على تحسين ظروف تصريف المياه في السهل وتخليص التربة من املاحها بأنشاء جدول تصريف عام يكاد يكون نهرا ثالثا يتوسط دجلة والفرات ، ويمتد اقصى شمالي السهل وينتهي في جنوبيه حاملا مياهه الى الخليج العربي .
وينبت القصب والاثل كثيفا عند حافات هذه الاهوار ومناطقها الضحلة وتعد هذه المنابت أمكنة تفريخ ممتازة لكثير من الطيور المهاجرة شتاء ، اذ تفد اليها اسراب كبيرة من البط وغيره من الطيور هربا من برد شمالي اوربا وطلبا للدفء والتكاثر . ويعد الرز والذرة البيضاء من المحاصيل الرئيسية التي تزرع عند حافات الاهوار صيفا ، في حين تكثر زراعة الخضراوات ولاسيما الطماطم شتاء . اما الحيوانات فتنحصر في الجاموس اذ تلائم ظروف البيئة بمياهها ونباتاتها الغضة ما يتفق ومتطلبات تربية هذا النوع من الماشية . ويؤديهذا الاقليم دورا اقتصاديامهما . ففي هذا السهل توجد اوسع الاراضي الزراعية في العراق وتنتشر في ارجائه اكبر مدنه مثل بغداد والبصرة وكثير غيرهما . ومن السهل ان تستغل تربته الخصبة وارضه المنبسطة في الزراعة . ولانذهب بعيدا اذا قلنا ان الانسان قد زاول الزراعة هنا قبل غيره في مكان اخر على وجه الكرة الارضية . فأضافة الى المحاصيل التي ذكرت آنفا ينتج هذا السهل كميات كبيرة من القمح والشعير والقطن والذرة وقصب السكر والفواكه والخضروات وتعد منطقة شط العرب اكبر منطقة لزراعة النخيل وانتاج التمور في العالم . كما يكثر في هذا السهل انتاج الالبان وتنتشر فيه حقول تربية الدواجن .
وللثروة المعدنية اهميتها ايضا في هذا الاقليم . فحقول النفط في محافظتي البصرة وميسان تعد من حقول النفط والغاز الطبيعي والملح والرمل والطين واحجار الكلس مواد خاما لكثير من الصناعات المزدهرة في الاقليم . وتحولت البحيرات التي تتوزع على اكثر من مكان في هذا السهل ، من مثل بحيرة الحبانية وغيرها ، منتجعات يرتادها الناس ايام عطلهم لقضاء الوقت في السباحة والصيد والتجذيف او الاستلقاء على شواطئها للتمتع بدفء شمسها شتاء . اما الاهوار من مثل الحمار والحويزة والسنية فتجذب اعدادا كبيرة من السكان للتمتع بمشاهدها والتنقل في مجاريها وبين منابتها . ولهذه الاهوار تاريخ عريق وعلى اطرافها بدأ تاريخ الانسان وازدهرت حضارته .
وحيثما يذهب المرء في هذا الاقليم يجد اثارا لانجاز حضاري كبير . فلكل مرحلة تاريخية خصائصها الحضارية المتميزة وتوزيعها الجغرافي الواضح حتى كأن السهل يبدو لوحة منمنمة بعناية من جزئه الجنوبي الذي ازدهرت في ربوعه حضارة السومريين الى اثار البابلين في وسطه ، الى التراث الحضاري العربي الاسلامي الرائع الذي ينتشر في كل مكان . وقد اصبحت كل هذه مراكز حضارية يفد اليها الزائرون من كل حدب وصوب طوال العام للاطلاع على ما ابدعه فكر العراق وبراعتهم في الانشاء والبناء منذ اقدم العصور .
4- الهضبة الغربية ( الصحارى ) وتعد اكبر الاقاليم التضاريسية في العراق ، اذ تشغل مساحة قدرها ( 171817 ) كيلومترا مربعا او نحو ( 39،2 ) في المائة من مجموع مساحة العراق . يرتفع سطح الهضبة تدريجيا من مستوى ( 400 ) قدم فوق سطح البحر في الشرق الى ( 2000 ) قدم في الغرب ، وعلى النقيض من ذلك تتغير تكويناتها الصخرية وتصبح اكثر حداثة من الناحية الجيولوجية كلما اتجهنا من الغرب الى الشرق فيها . اما تصريف مياهها السطحية فيتجه عموما الى الشرق مسايرا اتجاه السطح العام .
ولكن تفاصيل تضاريس السطح تصرف مياه كثير من الجداول المنحدرة من جبل سنجار الى الجنوب حتى تنتهي بوادي الثرثار ، اكبر منخفضات العراق . وقد استخدم منذ سنة 1956 لخزن الفائض من مياه دجلة عن طريق قناة تحويل تبدا عند سد سامراء . وقد ربط الثرثار بنهري دجلة والفرات واصبح بالامكان اعادة كميات وافية من مياه الري الى النهرين كلما دعت الحاجة الىذلك .
وتوجد ضمن هذا الاقليم الواسع مجموعة من السهول من مثل سهل الوديان وسهل الجزيرة وسهل الحجارة وسهل الحماد وسهل الدبدبة . وينحصر الاختلاف بين هذه السهول في ظواهر طبيعية كالتضاريس المحلية ونوع التكوينات الصخرية .
سهل الوديان
لقد تطور هذا السهل في منطقة صخور كلسية وجبسية ويتفاوت سطحه بين الاستواء والتموج . وتخترقه اودية مختلفة الاعماق تأخذ نمط تصريف شجريا . ولا يخلو هذا السهل من منخفضات منها منخفض الجعارة الواقع في منطقة الوديان الشمالية شمالي مدينة الرطبة .
سهل الجزيرة
وهو بقايا بحر قديم ويظهر الان منطقة مرتفعة مقطعة تخترقها مجموعة من الانهار تجري في اودية واضحة المعالم . وهذا السهل من الناحية المناخية منطقة واسعة موزعة بين الصحراء والسهوب ويكتسي القسم الشمالي منه في الشتاء والربيع ، ولاسيما بعد سقوط الامطار ، بنباتات صحراوية ترعاها الابل والاغنام كما يتخلله كثير من البحيرات المالحة والمستنقعات والمنخفضات اكبرها منخفض الثرثار .
سهل الحجارة
وهو سهل صخري منبسط تخترقه بعض الاودية الضحلة .
سهل الحماد
يقع هذا السهل في الزاوية الغربية القصوى من القطر وقد تطور في منطقة صخور كلسية ويتميز باستواء سطحه وخلوه من ظاهرة تضاريسية ملموسة .
سهل الدبدبة
يشغل هذا السهل القسم الجنوبي من الاقليم ، ويقع غربي البصرة . وقد تطور في منطقة تكوينات رملية حصوية ويتفاوت سطحه بين الاستواء وشيء من التموج ويرتفع في وسط هذا السهل المنبسط جبل سنام الى نحو ( 300 ) قدم . وهو قبة صغيرة تكونت بفعل تدفق صهير باطني الى مقربة من السطح عمل على تقبب قشرته الخارجية . يرد ذكر مرابع هذه المنطقة ولاسيما صفوان في الشعر العربي القديم وكتب التراث . وساعدت المياه الجوفية في هذا السهل على قيام نشاط زراعي كثيف في بعض هذه المناطق يتركز في انتاج بعض الخضراوات الصيفية والشتوية . كما تزرع اشجار الاثل للاستفادة منها في اغراض مختلفة .
وتكثر في الهضبة الغربية ظواهر تضاريسية كونتها القشرة الارضية من طي والتواء وانكسار ، حيث يشغل منخفض السلمان ، على سبيل المثال ، قبة ذهبت بأعاليها عوامل التعرية . وتوجد في كثير من المواقع ايضا اشكال تضاريسية صحراوية ، فبقايا الصخور الكلسية التي صمدت لعوامل التعرية ما تزال تعلو سطحها مكونة موائد صحراوية وهضيبات صغيرة . كما توجد كثبان رملية تشغل مساحة غير صغيرة يصل ارتفاع بعضها الى نحو ( 30 ) مترا اضافة الى اخرى واطئة .
ولا يخلو اقليم الهضبة ، لانتشار التكوينات الكلسية فيه ، من كهوف وقنوات جوفية جافة وينابيع للماء . ولابد ان هذه جوفية جافة وينابيع للماء . ولابد ان هذه تكونت في الفترات المطيرة التي مر بها تاريخ المناخ في العراق . ومن الامثلة الاخرى وجود عيون يتدفق منها الماء مثل عيون منطقة عين التمر ، وعيون قيرية وكبريتية شديدة الملوحة كما هي الحال في المنطقة القريبة من هيت .
وقد خضع هذا الاقليم لكثيرمن التغيرات منذ ثورة 17 -30 تموز 1968 المجيدة ، فقد شهد تنفيذ خطط تنمية سريعة واسعة من بناء طرق حديثة ومد سكك حديد وانشاء مراكز سكن جديدة متطورة . كما ارتفعت في عدد من الاودية مثل وادي حوران ، سدود لحجز المياه التي تندفع فيها بعد سقوط الامطار شتاء .
واستغلت رواسب المعادن في عكاشات على نطاق تجاري واسع واصبحت صادراتها تصل الى انحاء مختلفة من العالم . وقامت ايضا صناعة للزجاج في الرمادي اعتمادا على ما يكثر فيها من انواع الرمال الجيدة . كما امتدت عملية البناء الى النشاط الزراعي فأسست مزارع ومحطات تجارب زراعية كثيرة وما يرافقها من مسلزمات الحياة الجديدة ، الى جانب تطور المرافق السياحية في هذا الاقليم الذي اشير اليه انفا .
وهكذا اصبحت الهضبة الغربية ، بفضل خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي وضعتها الدولة ، من المناطق القومية الفاعلة .
و- الانهار والبحيرات يكون دجلة والفرات مصادر الماء الرئيسية في العراق . وتقع منابع كل منهما في جبال تركيا حيث يكثر سقوط الثلوج . ولان التساقط على هذه المرتفعات لايستمر على وتيرة واحدة طوال العام فان ما يجري في الرافدين يتعرض لتذبذب فصلي كبير ويجري الرافدان في اودية محددة واضحة المعالم عندما يقطعان المنطقة المتموجة ولذلك تقتصر الزراعة على ما يمكن زراعته في سهولهما الفيضية الضيقة . ولكن سرعان ما تكثر ثناياهما عندما يجريان في السهل الرسوبي . ويدخل الفرات هذا السهل قرب مدينة هيت ويفقد النهر انتظامه جنوبي الهندية ، في حين تعد مدينة بلد نقطة دخول نهر دجلة السهل الرسوبي ، ويفقد النهر انتظامه جنوبي الكويت .
ويقل انحدار مجرى دجلة والفرات الى جنوبي نقطتي الدخول ويضعف تيارهما في حمل رواسبهما وتغلب عليهما صفة الارساب وتكون اكتاف طبيعية على جانبي النهر . هنا يجري دجلة والفرات على حافات اكتافهما فوق مستوى سهلهما الفيضي الواسع مما يجعل بالامكان انشاء شبكة جداول واسعة حولت هذا السهل في العصور القديمة الى جنة عدن والصبحت في الوقت الحاضر من اعظم مناطق انتاج التمور في العالم .
تفقد الانهار بعض مياهها في المناطق الجافة نتيجة التبخر والتسرب والري . وهذا يصدق على دجلة والفرات ، اذ يقل تصريف نهر دجلة جنوبي بغداد حتى يصل الى ( 158 ) مترا مكعبا في الثانية ، في حين يبلغ تصريفه السنوي ( 1236 ) ويرتفع الى ( 13000 ) متر مكعب في (Downstream ) الثانية في اوقات الفيضان . ويفقد النهر كثيرا من مياهه صببا
حتى ان الارقام المقابلة لما ذكرناه انفا تبلغ عند الملتقى ( 78،11 و 179) مترا مكعبا في الثانية . وقد تغيرت هذه الارقام اليوم لكثرة مشاريع الري والتنظيم النهري التي نفذت مؤخرا ، ولكن نمط التصريف ظل على ما هو عليه . ويمر النهران عند نهايتهما الجنوبية باهوار واسعة .
الفرات يبلغ طول الفرات 2900 كيلومتر وينبع من جبال شرقي تركيا الوعرة العالية . ويقطع النهر مسافة 440 كيلومترا قبل ان يدخل اراضي الوطن العربي في سوريا مخترقا أراضي جافة منبسطة يلتقي فيها برافديه البليخ والخابور .
ويدخل الفرات ارض العراق عند قرية حصيبة ليبدا رحلة طويلة يقطع فيها مسافة ( 1،15 ) كيلومترا باتجاه الجنوب الشرقي . ويظهر وادي النهر ، وهو يخترق الهضبة الغربية ، واسعا قليل العمق واضح المعالم تعترض مجراه في كثير من المواضع مندفعات نهرية وجنادل . كما تظهر في وسطه مجموعة من الجزر . وبعد ان يمر بمدينة هيت يبدأ سيره في السهل الرسوبي حيث تقع بحيرة الحبانية قرب الرمادي على بعد 80 كيلومترا من شمال غربي بغداد و63 كيلومترا من جنوبي هيت وهي حوض خزن طبيعي ذو سعة جيدة . وقد ادت البوابات التي انشئت على مجرى النهر الرئيس الى تحويل الفائض من مياهه الى هذا الخزان للحيلولة دون حدوث فيضان خطير . ونتيجة لذلك تكونت بحيرة تبلغ مساحتها السطحية القصوى 426 كيلومترا مربعا وتصل سعة خزنها الى 4/3 مليارات متر مكعب . اما اذ زادت مقادير المياه المتدفقة على ذلك فأنها تصرف الى منخفض ابي دبس الواقع الى الجنوب منها . ويتميز سطح منطقة نهر الفرات في الجزء الشمالي من السهل الرسوبي بوضع يجعله اكثر ارتفاعا من نهر دجلة . وبناء على ذلك فان الاراضي الواقعة الى الشمال الغربي والجنوب الغربي من بغداد ، اي الاراضي الممتدة بين الفلوجة والهندية ، تسقى بمياه الفرات ، حتى اذا بلغ الفرات الهندية تفرع الى فرعين : شط الحلة وشط الهندية . وبعد مسافة قصيرة يلتقي الجدولان شمالي مدينة السماوة ويظهر النهر موحد المجرى ثانية . ويمر الفرات بعد ذلك بمدينة الناصرية وسوق الشيوخ قبل ان يصل بحيرة الحمار . هناك تضيع معالم واديه حتى يلتقي نهر دجلة عند كرمة علي شمالي البصرة . وقد اعطت الاعمال الهندسية الحديثة نهر الفرات مظهرا جديدا ونظام تصريف مختلفا . فقد اقيم على النهر ( سد القادسية ) شمالي مدينة حديثة ( التي تقع على بعد ( 260 ) كم من شمال غربي بغداد ) ، ويحجز هذا السد مياه النهر ويكون بحيرة تمتد امامه مسافة طويلة . وسيحقق سيطرة كاملة على نظام التصريف المتذبذب لهذا النهر .
دجلة يبلغ طول نهر دجلة 1970 كيلومترا وينبع من المناطق الجبلية المطيرة الواقعة جنوب شرقي تركيا . ويتكون النهر في منابعه العليا من عدة جداول صغيرة ولا يظهر مجراه موحدا الا بعد ان يلتقي رافده الشرقي ( دجلة ) رافده الغربي ( بوتان صو ) . وياخذ النهر اتجاها جنوبيا شرقيا قاطعا مسافة 300 كيلومتر عبر مناطق تركية وعرة حتى يدخل الوطن العربي في اراضي العراق عند قرية فيشخابور حيث يبلغ طوله 1290 كيلومترا ، حتى اذا مر النهر بمنطقة الفتحة الفاصلة بين مرتفعات حمرين ومكحول يبدأ جريانه بين ضفاف صخرية واضحة يحف به سهل فيضي قليل الاتساع . ويمكن مشاهدة صورة النهر هذه شمالي سامراء ثم يأخذ النهر بالسير بدءا بمدينة بلد ، في سهل رسوبي منبسط وتقترن بقلة انحدار مجرى النهر كثرة الثنايا فيه ولا سيما في المنطقة الواقعة بين بغداد والكوت .
ويتفرع من ضفة دجلة اليمنى شمالي سدة الكوت جدولان هما الغراف والدجيلة . كما تتفرع من جانبيه عند العمارة خمسة فروع اخرى هي : المشرح والكحلاء على جانبه الايسر والبتيرة والمجر الكبير والمجر الصغير على جانبه الايمن . وتبعا لذلك يصبح مجرى النهر ضيقا جدا ويقل حجم الماء الذي يجري فيه قلة واضحة . ثم يعود النهر الى الاتساع ثانية وتزداد كميات المياه الجارية فيه بفضل مقاديرها المتزايدة التي تنحدر اليه من مناطق الاهوار المحيطة به حتى يلتقي الفرات عند كرمة علي شمالي مدينة البصرة كما اسلفنا .
وترتفع مناسيب مياه دجلة في شهر نيسان ( ابريل ) وايار ( مايو ) وتنخفض في شهر ايلول ( سبتمبر ) وتشرين الاول ( اكتوبر ) . ونظامه هذا يظهر اختلافا نسبيا عما عليه الحال في مناسيب الفرات التي يرتفع منسوبها في نيسان ( ابريل ) وتبلغ ذروتها في ايار ( مايو ) . اما الواطئة منها فتحدث كالمعتاد في شهر ايلول ( سبتمبر ) وتشرين الاول ( اكتوبر ) . وهناك اختلاف مهم اخر هو ان عددا من الروافد يحمل الى دجلة كميات اضافية من المياه داخل الاراضي العراقية مما لايحظى به الفرات . وهذه الروافد هي :
أ- الخابور : وينبع من مرتفعات تركيا ويلتقي نهر دجلة عند قرية فيشخابور .
ب- الزاب الكبير : وينبع من مرتفعات تركيا ثم يلتقي نهر دجلة عند مدينة نمرود الاشورية التاريخية . ويعد الزاب الكبير الرافد الرئيس لنهر دجلة نظرا الى كثرة المياه التي يحملها اليه ، اذ تقدر هذه بنحو 33 في المائة من حجم المياه الجارية في نهر دجلة .
جـ - الزاب الصغير . وينبع من المرتفعات الشرقية خارج القطر ويلتقي دجلة جنوبي مدينة الشرقاط .
د- العظيم : وتقع منابعه كلها داخل الاراضي العراقية ويلتقي دجلة عند مدينة بلد . والعظيم نهر فصلي تنحدر اليه كميات كبيرة من مياه الامطار شتاء مثقلة بحمولتها من الرواسب ولكن مجراه يصبح في فصل الصيف خندقا جافا تقريبا .
هـ - ديالى : وينبع من المرتفعات الشرقية ويقع جزء من منابعه داخل الاراضي العراقية ثم يلتقي دجلة على بعد 22 كيلومترا جنوبي بغداد .
ومثل دجلة مثل الفرات اذ تقع على مقربة منه منخفضات تتسع لخزن مقادير كبيرة من فائض مياهه . فقد امكن بواسطة سد سامراء تحويل مياه فيضانه الى منخفض الثرثار وتبلغ سعة الخزن القصوى لهذا المنخفض 85 مليار متر مكعب . وهو من اكبر الخزانات التي هندستها الانسان في العالم . وياتي في المرتبة الثانية بعد بحيرة ناصر في جمهورية مصر العربية . وتعمل السدود التي اقيمت في عرض النهر وروافده على حجز المياه والاستفادة منها لسد حاجة المزارع المروية . وكان اخرها ( سد صدام ) قرب الموصل وقد اقيم سدا دربنديخان وحمرين من قبل على نهر ديالى وسد دوكان على نهر الزاب الصغير . وقد وضعت الخطط لاقامة سدود اخرى يأتي في مقدمتها سد بخمة على نهر الزاب وسد العظيم . وستكون لهذه السدود منافع متعددة تجمع بين خزن الماء وتوليد الطاقة الكهربائية وتربية الاسماك فضلا عن كونها منتجعات يؤمها الناس لقضاء ايام العطل .
ولابد ان يضاف الى طول دجلة والفرات طول شط العرب البالغ 190 كياومترا الذي يتكون من التقاء النهرين . وهذا الطول يضع شبكة شط العرب بين 16 نهرا من اطول انهار العالم . ونهر الدجيل ( الكارون ) الذي يجري من الشرق هو رافده الوحيد . ويصل عمق المجرى الملاحي (upstream) في شط العرب الى 32 قدما مما يتيح امكانية ابحار السفن المحيطية فيه صعدا
مسافة 80 كيلومترا من مصبه في الخليج العريي .
وتحظى منطقة شط العرب بزراعة اكبر نسبة من نخيل العراق حيث تضم 18 مليون نخلة من بين 30 مليون نخلة في العراق . وتساعده مياه المد هنا على ري بساتينها بانتظام وينصرف في اوقات الجزر ما يفيض من ماء تربتها وما يحمله من املاح .
اطوال الانهار الواقعة في الاراضي العراقية
الطول /كيلومتر في الاراضي العراقية
اسم النهر
1290
نهر دجلة ( الى كرمة علي )
230
الزاب الكبير
250
الزاب الصغير
150
العظيم
300
ديالى
1015
الفرات ( الى كرمة علي )
190
شط العرب
السكان عدد سكان العراق بسرعة متزايدة منذ مطلع هذا القرن . فقد زاد من مليوني نسمة عام 1900 الى اكثر من 16 مليون نسمة في عام 1987 ثم الى 22 مليون نسمة عام 1997 وبلغت الزيادة الطبيعية للسكان نحو 3 في المائة نتيجة تحسن الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية . وعليه فأن الكثافة العامة ، محسوبة بالنسبة الى مساحة القطر ، تصل الى 28 نسمة في كل كيلومتر مربع ولذا يمكن القول ان العراق قطر تكمن فيه امكانات عظيمة لتامين مستوى معاشي مرتفع لسكانه اذ تزداد كثافة السكان في المناطق التي يزداد فيها عطاء الارض . وقد بدات تظهر مراكز تجمع سكاني في المناطق الصحراوية حيث توجد الثوة المعدنية التي استغلت حديثا او في المناطق التي استصلحت اراضيها . ويظهر توزيع المناطق المزدحمة بالسكان في اغلب الاحيان على شكل مجالات ضيقة الاتساع تساير امتداد الانهار والجداول الرئيسة . وهذا يعني ان السهل الرسوبي يعد مستقرا لنحو 73في المائة من مجموع السكان حيث يسهل استثمار الارض والحصول على مياه الري وترتفع مثل هذه الكثافة في المناطق الممتدة على شط العرب حتى تزيد على 500 نسمة في كل كيلومتر مربع . وتوجد مثل هذه المنطقة في مساحات صغيرة قريبة من بغداد .
اما توزيع السكان في منطقة الاراضي المتموجة والجبلية فيأخذ صورة مركز متباعدة ، اذ تقل كثافتهم في مناطق الزراعة الديمية عن 100 نسمة في كل كيلومتر مربع كما هي الحال في الاراضي المحيطة بالموصل وكركوك .
اما مركز السكان الرئيسة في العراق فهي العاصمة بغداد ومدينة الموصل في الشمال وميناء البصرة في الجنوب .

ليست هناك تعليقات: